ساهمت التكنولوجيا في تغيير المفاهيم التقليدية في العملية التعليمية و التعليم الحديث بشكل كبير في الفترة الأخيرة. تطورت الوسائل التي تستخدمها المؤسسات التعليمية في إيصال المعلومة، كما تطورت الطريقة التي يستخدمها المعلم أو المدرب لإيصال المعلومة، كما تطورت أيضا الطريقة التي يتلقى بها الطالب أو المتدرب المعلومة.
خلال هذا المقال سنناقش بعض الاتجاهات الحديثة في تكنولوجيا التعليم لعام 2023 حيث شهد مجال التعليم الإلكتروني نموًا هائلاً بل ومن المتوقع أن يستمر نمو سوق التعليم الإلكتروني العالمي من 185.26 مليار دولار في عام 2020 إلى 388.23 مليار دولار في عام 2026 مما يثبت الاتجاه العالمي نحو التعليم الإلكتروني.
اتجهت كافة الشركات والمؤسسات التعليمية نحو وسائل التعلم الإلكتروني والتعليم عبر الإنترنت خلال الفترة الأخيرة.
وذلك بسبب الاهتمام المتزايد من جانب المجتمع الاقتصادي العالمي بالتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، فغيرت اتجاهات التعلم الإلكتروني أيضًا اتجاهها؛ فمثلا وجدنا أدوات جديدة للذكاء الاصطناعي يتم استخدامها في العملية التعليمية وبعض التوجهات الحديثة في الفترة الأخيرة ومنها على سبيل المثال :
- الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence.
التعلم المصغر Micro learning.
التقنيات الغامرة Immersive Technologies.
- التلعيب Game-based Learning.
تحليل البيانات الكبيرة Big Data Analytics.
التعلم التكيفي Adaptive Learning.
التعلم المرتكز على الفيديو Video Based Learning.
التعلم الاجتماعي Social Learning.
لاشك أن تكنولوجيا التعليم تتمركز أساسا حول التعلم الإنساني وهي ترتبط بكيفية مساعدة الأفراد على التعلم من ناحية وبكيفية زيادة فاعلية عملية التعلم من ناحية أخرى وفي هذه الناحية لا تختلف أبحاث تكنولوجيا التعليم عن الأبحاث في الميدان التربوي عامة .
عادة تبحث تكنولوجيا التعليم وتقنياتها عن التطور والتطوير وذلك من أجل تقديم أكبر قدر من الاستفادة للمتعلمين والمعلمين وكافة العاملين بقطاعات التعليم المختلفة.
ولأننا قد أفردنا موضوعا أسبوعيا عن الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence وكيفية تطبيقه في العملية التعليمية سنبدأ بالاتجاه الثاني مباشرة وهو من الاتجاهات الحديثة التي ترتبط بعملية التعليم الإلكتروني.
التعلم أو التدريب المصغر هو مصطلح سمعنا به قديما تحت مسمى آخر وهو التعلم الجزئي ولكن مع ظهور تكنولوجيا التعليم كان لابد من تطويرها وإعادة ترتيب أفكارها بشكل يجعلها تواكب العديد من التطورات التي حدثت في طرق التدريس واستراتيجياته.
التعلم المصغرأو التدريب المصغر :
تشير نظرية منحنى النسيان (forgetting curve) التي وضعها عالم علم النفس الألماني هيرمان إبنجهاوس إلى أنَّنا ننسى 80% مما نتعلمه في غضون 30 يوماً من عملية التعلم، وتشير هذه النظرية الشهيرة إلى أنَّ أساليب التعليم أو التدريب التقليدية قد تؤدي إلى معدلات منخفضة من الاحتفاظ بالمعلومات مع مرور الوقت وهذا ما نعاني منه جميعا.
ولتحسين الاحتفاظ بالمعلومة استخدم مصممو التعليم و التدريب أساليب مختلفة لجذب المتعلمين، ومنها التعلم المُصغَّر الذي يعني ببساطة التعلم على دفعات قصيرة ومفيدة ومنتظمة.
تعريفات مهمة في التعليم الحديث:
ويمكن تعريف التعلم المصغر بأنه “أسلوب يقوم على تقديم المحتوى التعليمي والدراسي على شكل مكونات ومقاطع جزئية وصغيرة في الحجم والمضمون، عبر العديد من الوسائط التقنية المتعددة والتي منها مقاطع الفيديو القصيرة التي لا تتجاوز (3 دقائق) كحد أقصى، ويجب أن يكون مُخطط لها مسبقاً بشكل جيد وقابلة للفهم والاستيعاب.
بينما يعرف التدريب المصغر على أنه سيناريو تدريبي يحدث خلال فترة زمنية قصيرة (حوالي 10 دقائق في المتوسط) يشمل عددًا صغيرًا من المتدربين (عادة ما بين 5-10)، يقدم خلالها المدرب مفهومًا معينًا أو طريقة معينة لتدريب المشاركين على مهارات محددة.
يهدف التعليم المصغر عامة إلى منح المعلمين الفرصة للحصول على تعليقات حول الموقف التدريبي، عادةً باستخدام فيديو لتسجيل التدريب ثم إعادة تشغيله لتسهيل عملية التغذية الراجعة. ومع ذلك، لا يعتبر هذا التسجيل شرطا مسبقا لاستكمال التعليم المصغر.
وبشكل عام، يشير مصطلح التدريس المصغر إلى أشكال مختلفة من التدريب المكثف الذي يتناول مهارة معينة لفترة زمنية محددة ويشتمل على العديد من المتعلمين. تم تطبيق التعليم الجزئي في العديد من المجالات، بما في ذلك مثلا تدريب المعلمين قبل الخدمة وأثناءها.
كيفية التطبيق طرق التعليم الحديث:
يستخدم التعلم أو التدريب المصغر في العديد من المجالات، مثل التعليم الصحي، والتعليم التجاري، والتعليم التقني ، حيث يتيح التعلم المصغر للطلاب الدخول إلى الدروس الإلكترونية الذاتية و المحاضرات المباشرة أو المسجلة التي يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت .
إن أهم ما يميز جميع أشكال التعلم المصغر أنها من الممكن دمجها في نشاطات المتعلم وروتين حياته اليومي من خلال تفعيل تقنية (Push ) والتي إضافة الى أنها تجعل المتعلم قريب بشكل دائم من المحتوى التعليمي الا أنها تقلل من العبء التفكيري لدى الطالب او ما يسمى بال ” “Cognitive Load على المتعلمين.
لذلك يعتبر اختيار عناصر هذا النوع من الانشطة المصغرة بالإضافة الى عاملي التوقيت والتزامن ذا أهمية بالغة في التصميم التعليمي الحديث .
كذلك فإن طريقة التعليم بتقنية التعلم المصغر تنفذ بطريقة تسمح بمتابعة التعلم بجميع الأحوال المكانية والزمانية كالانتظار بالزحمة المرورية أو اثناء انتظار التاكسي او انتظار وجبة في المطعم . ان اتجاه التعليم المصغر يساعد على دعم استقلالية المتعلم وحصوله على تحديثات مستمرة للمحتوى التعليمي وتدعم كذلك القيام بأعمال تعليمية أخرى بنفس الوقت او ما يسمى بال Multitasking.
مثلا من اشكال تقنيات التعليم المصغر الإيميلات الرسائل القصيرة الالكترونية و الفيديوهات والوسائط المتعددة القصيرة وحتى انها تشمل محادثات قصيرة chats حول المنهج. كذلك من ضمن مميزات هذه التقنية انها تعطي المتعلم مبادئ أولية لبناء المعلومة وذلك ليتمكن من تحقيق أهدافه التعليمية وتوسيع قاعدة معلوماته العامة.
لذلك فان لتعدد مزايا التعلم المصغر أهمية كبيرة بتفعيل أسلوب التعلم الرقمي المستمر والمتزامن مع الفرد بكل جوانب الحياة وبغض النظر عن الزمان والمكان او ارتباطات الفرد المختلفة..
وليمكن دمج التعلم المصغر لتدعم أنظمة إدارة التعلم الإلكترونية القائمة (LMS) التي تستخدمها معظم المؤسسات الآن من الممكن تصميمها ودمجها كأنشطة مستقلة داعمة للمحتوى التعليمي المتوفر من خلال أنظمة ال (LMS).
لذلك فإن لتفعيل ومتابعة تطبيق هذا النوع من التعليم يتماشى مع خطط ومبادرات وزارة التعليم في معظم الدول بالتحول الى التعلم الرقمي حيث انه يعتبر من السهل تفعيل هذا النوع من التقنية اذا اخذنا بالاعتبار التوجه المجتمعي المتزايد نحو الاجهزة الذكية وكذلك تزايد انتشار الأجهزة الكفية وتطبيقاتها المختلفة والذي من شأنه ان يدعم تفعيل عملية التحول الى التعلم الرقمي .
وأخيرا لكل استراتيجية حديثة مجموعة من المميزات والعيوب التي تظهر عند تطبيقها. نتحدث هنا عن بعض المزايا.
مزايا التعلم المصغر :
لاشك أنه من مزايا التعلم المصغر انه يساعد على تلقي المتعلم المعلومة بشكل جزئيات وذلك يساعد على استيعاب المعلومات بفعالية أكبر. كذلك تعتبر مثالية للذين لا يجدون وقت للالتزام أو تمضية وقت كبير بمقررات تعليمية مطولة وتساعد علي تلقي المعلومة بشكل يتوافق مع نمط سرعة التعلم لدى الطالب وتجنبه عبء تلقي معلومات كبيرة في وقت واحد .
كذلك من المميزات أيضا:
*يسمح للمتعلم أو المتدرب التعلم والتدرب أثناء التنقل وفي أوقات الانتظار، وعدم تضييع الوقت غير المستغل في وسائل المواصلات.
*يعمل على تسهيل وتشجيع عملية استيعاب المعلومات بشكل سريع.
*توافقه مع طبيعة البشر، وخاصة في حاجاتهم إلى تعلم جزئيات بسيطة وسريعة، في ظل عالم يتميز بالسرعة والتقدم.
*تناسب التعلم المصغر مع طبيعة المواد المعقدة، ومساهمته في جعلها أكثر سهولة ويسر في علمية الاستيعاب والفهم.
*مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
*إتاحة الفرصة لكل متعلم لاكتساب خبرات ذاتية بنفسة والعمل على تحسين أداء الفرد.
*التقييم الذاتي والجماعي.
*تنشيط روح الجماعة والمنافسة داخل الصف.
*التغذية الراجعة الفورية.
أمثلة على أنشطة التعلم المصغر:
قراءة فقرة من كتابة نص، أو بريد إلكتروني أو خدمة الرسالة القصيرة الرسائل القصيرة.
الاستماع إلى بودكاست معلوماتي قصير أو مقطع فيديو تعليمي.
عرض بطاقات الاستذكار.
حفظ كلمة واحدة، أو مفردة، أو تعريف أو صيغة.
فرز مجموعة من عناصر (المحتوى المصغر) بواسطة الترتيب المنطقي (زمني).
اختيار إجابة لسؤال.
الإجابة على الأسئلة في الاختبارات.
التعلم باللعب مع الألعاب الصغيرة.
وكما نعلم جميعا أن هناك فجوة بين مهارات سوق العمل وبين ما نتعلمه في مؤسساتنا التعليمية، ويرجع ذلك إلى وجود نقص واضح في التدريب العملي على المهارات الرقمية التي سوف يحتاجونها في الاستخدام اليومي، لذا نجد أن التعلم المصغر Micro Learning هو الأسلوب الذي يمكن أن يساعد في سد الفجوة الرقمية لإحداث جودة في مستوى خريجي التعليم من خلال دروس صغيرة الحجم، منظمة تنظيماً منطقياً.
وحتى لا نطيل عليكم نكتفي بهذا القدر وسيكون هناك مقالات أخرى تتحدث عن بعض الأدوات التي يمكن استخدامها في تجربة التعلم المصغر بل عن كيفية الاستفادة من التعلم المصغر في التعليم الالكتروني بشكل خاص فتابعونا خلال الفترة القادمة سنعمل على نشر بعض الاتجاهات الحديثة في تكنولوجيا التعليم حتى عام 2023 .