كما ذكرنا في الجزء الثاني من سلسلة مقالاتنا حول ذكاء اصطناعي وكيفية استخدامه في العملية التعليمية وجدنا أنه لزاما علينا ومن باب الشفافية في العرض أن نتحدث عن إيحابيات وسلبيات هذه التقنية الحديثة وهل يلزم وجود ميثاق أخلاقي لاستخدامه أم لا .
الذكاء الاصطناعي يعد بمثابة سلاح ذو حدين، فمن بين الجوانب الإيجابية التي تصاحب الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence زيادة إنتاجية وإنجازات البشرية بشكل سريع وتقديم أفضل خدمة للعملاء.
ومن المتوقع أيضا أن تظهر أنواع جديدة من الوظائف خلال الفترات القادمة وستختفي أيضا بعض الوظائف . وسينفذ الروبوت والآلات الأخرى المهام الروتينية اليومية بطريقة احترافية، مما يوفر الوقت والجهد على الموظفين
أما المستخدمون، فسوف يستفيدون من الذكاء الاصطناعي في شكل تحسين الخدمات وتقديمها بجودة وكفاءة عالية بالإضافة إلى إحداث تغييرات جوهرية وملموسة في العديد من الخدمات كالرعاية الصحية والنقل والخدمات البنكية بشكل أكثر أمانا.
إلا أن الذكاء الاصطناعي شأنه شأن أي تكنولوجيا ناشئة تقابلها المجتمعات بجدل واسع عند بداية ظهورها وبعض التخوفات من التهديدات المختلفة في أكثر من مجال وكما نسمع الآن بعض التحديات والتهديدات التي تتخوف منها الدول لا سيما الأفراد بشكل كبير فمثلا :
التهديدات العسكرية .
التهديدات الاقتصادية .
التهديدات الاجتماعية .
- تهديدات تتعلق بانعدام الخصوصية الشخصية.
أولا – التهديدات العسكرية لاستخدام ذكاء اصطناعي :
وهي تتمثل في سباق التسلح العالمي باستخدام الذكاء الاصطناعي. وهي مخاطر تتعلق بحق البشر في الحياة،خاصة أنه لا توجد حتى الآن اتفاقات دولية تحد من استخدام هذه التقنية في الأغراض العسكرية مما يشكل خطراً دولياً على البشرية جمعاء.
ثانيا– التهديدات الاقتصادية لاستخدام ذكاء اصطناعي :
سوف تؤثر تطبيقات الذكاء الاصطناعي على حجم ونوعية الوظائف وفرص العمل المتاحة.
ثالثا – التهديدات الاجتماعية لاستخدام ذكاء اصطناعي :
وهي تتمثل في سباق التسلح العالمي باستخدام الذكاء الاصطناعي. وهي مخاطر تتعلق بحق البشر في الحياة،خاصة أنه لا توجد حتى الآن اتفاقات دولية تحد من استخدام هذه التقنية في الأغراض العسكرية مما يشكل خطراً دولياً على البشرية جمعاء.
رابعا – تهديدات تتعلق بانعدام الخصوصية الشخصية لاستخدام ذكاء اصطناعي :
إن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تقدم الخدمات للمستخدمين تطلب من المستخدم السماح لها باستخدام البيانات الشخصية لتوفير الخدمات، وإذا لم يسمح العميل باستخدام بياناته الشخصية فلن يحصل على المميزات التي يحصل عليها العملاء الآخرين، مما يشكل ضغطاً من أجل التخلي عن خصوصيته.
لكن بغض النظر عن هذه التحديات أو التهديدات العامة يجب أن نطرح الإيجابيات والسلبيات الخاصة بالأفراد بكل شفافية حتى نحدد فيما سنستفيد من الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence.
ومن إيجابيات ذكاء اصطناعي التي ظهرت لنا بعد تجربة بعض الأدوات في بعض التخصصات المتاحة أنه :
- يقلل من الخطأ البشري.
- يسهل اتخاذ القرار بشكل أسرع.
- توفر مستمر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
- يقلل من المخاطر.
- أتمتة التكرار.
- يوفر مساعدين رقميين.
- يحدد الأنماط.
- العمل على مجموعات ضخمة من البيانات.
أولاً - يقلل من الخطأ البشري:
نظرًا لأن قرارات الذكاء الاصطناعي تأتي من البيانات المجمعة بمساعدة الخوارزميات المصممة مسبقا وبالتالي لن تتكرر الأخطاء كما يحدث مع البشر، وسيتم تقليل الأخطاء وستزيد الدقة.
ثانياً - يسهل اتخاذ القرار بشكل أسرع:
يعمل الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب مع العديد من التقنيات لمساعدة الآلات في اتخاذ تلك القرارات بشكل أسرع من قدرة العاملين البشريين. مما سيوفر الوقت والجهد في اتخاذ القرارات .
ثالثاً- توفر مستمر على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع:
لا يستريح الذكاء الاصطناعي أبدًا أو يتطلب النوم ، بينما يحتاج الجسم والعقل البشريان إلى الراحة لمواصلة العمل . مما سيزيد الانتاجية بشكل كبير.
رابعاً - يقلل من المخاطر:
من المزايا الكبيرة للذكاء الاصطناعي أنه يمكن أن يقوم بمهام محفوفة بالمخاطر والتي ستكون خطرة للغاية بالنسبة للبشر. فعلى سبيل المثال، يمكن لروبوتات الذكاء الاصطناعي التنقيب عن الفحم ، واستكشاف أعماق البحر والمساعدة في أعمال الإنقاذ والبحث في الزلازل ، والتعامل مع القنابل والمفاعلات النووية ، وحتى دخول البراكيين.
خامساً - أتمتة التكرار:
تظل الأعمال والمهام المتكررة جزءًا من العديد من الوظائف هذه الأيام ، وغالبًا لا تستخدم أعلى إمكانات العاملين من البشر. يمكن للذكاء الاصطناعي أتمتة التكرار بعدة طرق ، مثل مهام التصنيع والرد على رسائل البريد الإلكتروني، مما يتيح لك التركيز أكثر على الإبداع أو المجالات الأخرى التي تتطلب مهارات بشرية فريدة.
سادساً - يوفر مساعدين رقميين:
اليوم ، تستخدم العديد من المنظمات المساعدين الرقميين للتفاعل مع العملاء.
يمكن لهذا العمل وحده أن يقلل بشكل كبير من الحاجة إلى زيادة عدد موظفي خدمة العملاء.
على سبيل المثال ، أثبتت الزيادة في استخدام روبوتات المحادثة مدى فائدتها في توجيه العملاء إلى المعلومات المطلوبة مثل روبوت الصوت الحالي للمساعدة في الاستفسارات بشكل آلي.
سابعاً - يحدد الأنماط:
يحدد الذكاء الاصطناعي الأنماط داخل بياناتك بكفاءة ، وبالتالي يمكنه إجراء تنبؤات أسرع.
يمكن أن تساعدك هذه في قرارات التسويق من خلال السماح لك برؤية الصورة الأكبر بشكل أسرع.
يتفوق الذكاء الاصطناعي بالفعل على قدرات الإنسان عندما يتعلق الأمر باكتشاف الأنماط في الكلمات أو الأرقام أو الصور.ولن يؤثر كل هذا بشكل إيجابي على قدرات تحليلات التسويق الخاصة بالبشر ، بل سيخدمك أيضًا عند وضع خطة التسويق الرقمي .
ثامناً - العمل على مجموعات ضخمة من البيانات :
كلما زادت البيانات المتاحة ، زادت الحاجة إلى الذكاء الاصطناعي لفهم كل ذلك في وقت أقل.
الذكاء الاصطناعي مفيد للغاية في فهم المجموعات الكبيرة من البيانات المتاحة هذه الأيام.
يمكنه الحصول على البيانات واستخراجها بسرعة بل ويأخذ الذكاء الاصطناعي البيانات إلى أبعد من ذلك حيث يعمل على تفسير وتحليل البيانات.
لكن وبلا شك بعد كل هذه الايجابيات؛ لا تخلو أي تقنية من بعض السلبيات فعلى سبيل المثال :
أولا - يتطلب تكاليف إجمالية مرتفعة جدا :
ليس سرا أن الذكاء الاصطناعي باهظ الثمن. يتطلب الإعداد الأولي وحده استثمارات عالية.
ستحتاج الشركات أيضًا إلى الاستثمار في إطار عمل الذكاء الاصطناعي ، بما في ذلك أحدث الأجهزة والبرامج مع التحديث المنتظم لتلبية متطلبات الذكاء الاصطناعي.أضف إلى تكاليف التدريب المتخصص للموظفين .
ثانياً - سيزيد نسبة البطالة:
في حين أن استبدال الوظائف المتكررة وأنواع العمل الأخرى بالذكاء الاصطناعي مفيد للشركة ، فإنه بلا شك سيؤثر أيضًا على التوظيف.سيتم التخلص التدريجي من الأدوار الوظيفية التقليدية ، مما يؤدي إلى بطالة أولئك الذين يقومون بها.بينما قد يُنظر إلى هذا على أنه علامة على التقدم ، سيتم استبعاد العمال من العديد من فرص العمل التي كانت موجودة في السابق.
ثالثاً - يفتقر إلى الابداع :
تتمثل إحدى عيوب استخدام الذكاء الاصطناعي ، في عدم قدرته على الإبداع والابتكار.
بينما يتعلم الذكاء الاصطناعي بمرور الوقت من البيانات والتجارب المُدخلة ، فإنه لا يزال غير قادر على تصميم مناهج إبداعية أو التفكير خارج الصندوق. ولكن من المتوقع أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر ذكاءً في السنوات القادمة .
رابعاً - غياب البُعد العاطفي:
بينما يمكن أن تعمل الأجهزة المحسّنة بالذكاء الاصطناعي بشكل أسرع وباستمرار ، إلا أنها لا تستطيع أن تأخذ العاطفة في اتخاذ القرارات.يظل الذكاء الاصطناعي عقلانيًا وعمليًا للغاية في جميع الأوقات. وبسبب هذا ، لا يمكنها تطوير علاقاتها بالبشر أو تكوين تلك الصلة البشرية الحقيقية.
خامساً - عدم القدرة على دمج المبادئ الأخلاقية العامة "الحقيقة الكاملة ":
تتمثل نقاط الصعوبة في استخدام الذكاء الاصطناعي في عدم القدرة على دمج بعض الاخلاقيات والمباديء.حيث أن الذكاء الاصطناعي لديه بيانات وخوارزميات فقط لتشكيل القرارات والتنبؤات ، وقد يؤدي ذلك إلى مخرجات عنصرية حتما.
سادساً - يزيد من احتمالية الكسل البشري:
يمكن أن تؤدي أتمتة المهام واستخدام المزيد والمزيد من المساعدين الرقميين إلى زيادة الاعتماد على AI وتقليل استخدام عقولنا في تحليل المشكلات ووضع طرق الحل بأنفسنا.
إيجابيات وسلبيات استخدام ذكاء اصطناعي AI في التعليم بشكل خاص
وإذا تحدثنا بشكل متخصص سريعا عن تأثير الذكاء الاصطناعي في التعليم وهو بالطبع جزء من التأثيرات الضخمة ل AI وليس ببعيد عن باقي المجالات نجد التالي :
أولاً - مميزات الذكاء الاصطناعي في التعليم:
*ساهم استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم في إنشاء طرق مبتكرة لمساعدة الطلاب وتحسين مستواهم، حيث سهل أيضًا طرق تدريس جديدة ومميزة بالنسبة للمعلمين مما وفر عليهم بعض الوقت والمجهود.
*المساعدة في تنظيم المعلومات.
*تقليل نسبة الأخطاء البشرية.
* توسع تجربة التعليم عن بعد.
*قدرة ذوي الاحتياجات الخاصة على التعلم بسهولة.
*الدراسة في أفضل الجامعات بأقل تكلفة بتقنيات الواقع الافتراضي.
ثانياً - عيوب ذكاء اصطناعي في مجال التعليم:
*إدمان التكنولوجيا.
*قلة التواصل بين الطلاب.
*ارتفاع نسبة البطالة.
*وجود مشكلات تقنية.
* قلة الإبداع والتكاسل بين الطلاب.
*تكلفة إضافية لا يستطيع عليها الكثير من الطلاب.
ذكاء اصطناعي والميثاق الاخلاقي:
إن الاتجاه نحو المزيد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي أمر ضروري لتوفير رخاء البشرية وزيادة رفاهيتها، ولكن يظل الخوف قائما من سلبياتها وتهديداتها كما أفردنا في المقال، وهنا تبدو الحاجة ماسة إلى ضرورة البحث عن آلية تنظيمية وأخلاقية تحكم عمله بحيث تحقق التوازن بين المضي في تطويره والحرص على تفادي سلبياته، وهذا يتطلب ضرورة البحث عن سبل تربوية وقانونية لوضع منظومة قيمية أخلاقية تحكم العلاقة بين الإنسان والآلة وبين الأفراد الذين يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي مما قد يسهم في تحقيق الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي دون المساس بحقوق البشر الأساسية.
وبشكل متخصص في كيفية تفعيل الميثاق في مجال التعليم مثلا قامت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالدعوة إلى حوار إقامة حوار عالمي حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
لذلك دعت اليونسكو العديد من الجهات الفاعلة مثل الشركات ومراكز البحوث وأكاديميات العلوم والدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وجمعيات المجتمع المدني إلى إطار أخلاقي لتطوير الذكاء الاصطناعي ، ويجب أن يتم التفكير فيها على المستوى العالمي لتجنب اتباع نهج “الانتقاء والاختيار” في الأخلاقيات. بالإضافة إلى ذلك، يلزم اتباع نهج شامل وعالمي، بمشاركة صناديق الأمم المتحدة ووكالاتها وبرامجها، إذا أردنا إيجاد طرق لتسخير الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة على الصعيد العالمي.
وختاما ....
لاشك أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي لن تنتظر مثل هذه المواثيق أو غيرها وبدأت بالفعل بالانتشار في معظم المجالات وفيما يخص التعليم يجب على المتخصصين توعية المعلمين والطلاب بضرورة مراعاة الجوانب الأخلاقية كإلزام فردي على كل فرد حتى صدور ميثاق أخلاقي ينظم العمل بأدوات الذكاء الاصطناعي.
في الأجزاء القادمة سنتناول بالتفصيل بعض أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في العملية التعليمية ودراسة كيفية الاستفادة منها بأكثر من طريقة.