لاشك أن عملية التصدي لحالات الغش في الاختبارات تهدف إلى الحفاظ على نزاهة الاختبارات وعكس المستوى العلمي الحقيقي للطلاب سواء كان تعليميا حضوريا أو عن بعد.
وكنا في الماضي نلجأ لنظام المراقب الشخصي وكان ذلك كافيا لكن مع تقدم طرق الغش أصبح من الضروري تنويع طرق المراقبة سواء كانت الاختبارات ورقيا حضوريا او عن بعد او كانت الاختبارات بشكل آخر.
مراقبة الاختبارات بالطريقة التقليدية و منع الغش في الاختبارات:
لن أتطرق كثيرا لكيفية مراقبة الاختبارات التقليدية فجميعنا نعلمها ومررنا بها من قبل لكن دعنا نتذكر ما كان يحدث في خطوات ليسهل علينا المقارنة بينها وبين المراقبة الالكترونية فيما بعد.
أولا :يجلس الطلاب علي مسافات متباعدة .
ثانيا :يتم تعيين مراقب أو اثنين لكل لجنة .
ثالثا: يمنع استخدام الهاتف أو أي أوراق خارجية .
مراقبة الاختبارات إلكترونيا لمنع الغش في الاختبارات:
تعتمد آليه المراقبة إلكترونيا علي مراقبة سلوك الممتحن عن طريق الصورة الملتقطة بالكاميرا وتحليله عن طريق الذكاء الاصطناعي مع تحديد الاجزاء المشكوك بها لمراجعتها بعد ذلك من قبل مراقب. ويوفر البعض خدمة التسجيل فقط أو التسجيل ومراقبين حقيقيين لمتابعة الطلاب.
لكن من المهم أيضا أن يكون هناك آليات متنوعة لضبط الغش أثناء الاختبارات سواء في مراحل التعليم العام أو التعليم الجامعي. ومنها على سبيل المثال:
أولا :تصميم اختبارات تجمع ما بين العشوائية والعدالة.
ثانيا :الاعتماد على الفهم وليس الحفظ.
ثالثا: اختلاف كل نموذج اختبار رقمي عن الآخر.
رابعا: اعتماد أسئلة جديدة غير محلولة مسبقاً.
خامسا :منع البيئة الاختبارية من تصوير الأسئلة أو التواصل مع الآخرين.
سادسا : التركيز على المشاريع والاختبارات الشفوية.
أولا :تصميم اختبارات تجمع ما بين العشوائية والعدالة:
وهنا يبدأ المعلم أو المدرب منع الغش منذ البداية ببناء اختبار من عدة نماذج ولكن بمعايير واضحة وعادلة بين جميع الطلاب ثم استخدام بعض الأدوات الرقمية التي تعمل على إخراج نماذج عديدة مرتبة ترتيبا عشوائيا ليؤدي فيه الطالب الاختبار في عدد لا محدود أيضا .
ثانيا :الاعتماد على الفهم وليس الحفظ تجنبا لحدوث الغش في الاختبارات:
وهذه من أهم النقاط الواجب مراعاتها عند بناء محتوى الدروس وآلية تقويمها وأن تقيس جميع الاختبارات فهم الطالب وليس حفظه بل تذهب لأبعد من ذلك وهو قياس مدى تطبيق الطالب لكل معلومة وليس فقط حفظها أو ترديدها.
ثالثا: اختلاف كل نموذج اختبار رقمي عن الآخر:
يمكن وضع نماذج مختلفة تماما او فقط نعتمد على إعادة الترتيب بشكل مختلف لكل نموذج .
رابعا: اعتماد أسئلة جديدة غير محلولة مسبقاً لمنع الغش في الاختبارات:
تنوع الأفكار الاختبارية وليس فقط إعادة نسخ ولصق لكثير من الأفكار المحلولة مسبقا نصا وبالتالي لا تدع مجالا للطالب للإبداع أو حتى التفكير.
خامسا :منع البيئة الاختبارية من تصوير الأسئلة أو التواصل مع الآخرين:
من المهم جدا منع أي تسريبات سابقة للاختبار بتحديد مواعيد النشر وضبط الاعدادات وهذا احتياطات قبل الاختبار . كما يجب أيضا ضبط وعقاب كل من يسرب جزء من اختبار بتصوير وخلافه أثناء الاختبار.
سادسا : التركيز على المشاريع والاختبارات الشفوية:
كما تحدثنا مسبقا عن تنوع أساليب التقويم الإلكتروني حيث سيمكن ذلك المدرب أو المعلم من قياس مستويات الطلاب في مواقف متنوعة وبطرق مختلفة منها مثلا الاختبار الشفوي أو المشاريع.
أما من الحلول التقنية والتي هي حتما ستعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن :
لاشك أن بعض البرمجيات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي قد تساعد في ضبط عمليات الغش أثناء الاختبارات عن بعد أو مثلا متصفح يمنع فتح أي برامج أخرى على سطح المكتب أثناء الاختبار. والكثير من الأدوات التي يتم تطويرها كل يوم .
أولا : استخدام كاميرات المراقبة بالذكاء الاصطناعي وتسجيلها:
يمكن الان الاعتماد على الكاميرات للتعرف على الطالب المؤدي الاختبار في البداية ثم تتبع علامات وتحركات الوجه Facial Recognition أو أن يتم تصوير الشخص عدة مرات لضبط حركاته في أوقات ترددية، لكن هناك بعض المشاكل التقنية مثلا عندما ترصد حركات الوجه وإلى أين ينظر الشخص، وقد تعرض الطالب لتهمة الغش وهو يحرك عيناه فقط للأعلى ليفكر.
ثانيا: منع لبس السماعات والإكسسوارات:
بعض الساعات والاكسسوارات بها تقنيات عالية مثل الموبايل تماما والتي قد تكون هي وسيلة الغش دون أن ندري لذلك يجب منع لبس أي ساعات او أساور أو سماعات أثناء تأدية الأختبار. لأنها من أسهل وأسرع أدوات الغش حديثا .
وأخيرا…
مازلنا نرى أن تفعيل دور الرقابة الذاتية في طلابنا ومعلمينا هو أفضل النماذج ويمكن ان يتم ذلك من خلال حملة توعوية شاملة للطلبة والطاقم التدريسي بعقوبة الغش في الدنيا والاخرة:
وهنا نقطة مهمة جدا وكما تحدثنا في مقالنا السابق عن الذكاءالاصطناعي والميثاق الأخلاقي فإنه لابد من التوعية بذلك حيث أنه مبدأ إسلامي ” فمن غشنا فليس منا “
كذلك الآية الكريمة التي تتحدث عن الخيانة والغش بشكل عام .فالغش خيانة لله وللرسول صلي الله عليه وسلم {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون{
كذلك توضيح بعض العقوبات التي تفرض على من يغش والتي قد تصل إلى الحرمان من جميع الاختبارات . مثلما فعلت الكثير من الجامعات في العالم حاليا بعد ثورة CHAT GPT
فعلى سبيل المثال أبلغت إدارة كلية لندن الجامعية طلابها أنه عندما يكون هناك اشتباه بوجود سوء استخدام للذكاء الاصطناعي، فسيكون بوسع الطاقم الأكاديمي استخدام الاختبار الشفوي للتأكد من أن الإجابات تعود بالفعل إلى الطلاب.
وفي حال فشل الطالب في الاختبار، فسيم إحالته إلى لجنة مخالفات أكاديمية ستبت في أمره، وقد تصل العقوبات إلى حد الفصل من الجامعة.
كل هذه التحركات في سبيل تحجيم استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الغش وتأهيل الطالب للاستفادة منها فقط عندما يطلب منه المدرب او المعلم .
ومن الوضوح والشفافية أيضا ألا ننسى المشكلة في تكلفة خدمات الذكاء الاصطناعي وبعض التجهيزات الفنية مثل الكاميرات أو أدوات الاستشعار الخاصة والتي ستكلف كثيرا سواء للطالب أو للمؤسسات التعليمية التي تستخدم ادوات الذكاء الاصطناعي لمواجهة كل محاولات الغش قبل وأثناء الاختبار.